السبت، 24 أكتوبر 2015

ابطال من مصر

صباح السادس من اكتوبر 1973

طائرات هليكوبتر عسكرية مصرية علي ارتفاع منخفض تقوم باسقاط كتيبة صاعقة انتحارية فيما وصف لاحقا في سجلات وزاره الدفاع علي انه مهمه بلا عوده

كانت المهمه ايقاف اي امدادات اسرائيلية او اقلاع او هبوط أي طائرة اسرائيلية من والي مطار ابو رديس في عمق سيناء وتأسيس نقطة استطلاع متقدم في سيناء

ابيدت الكتيبة بالكامل اثناء تأدية المهمه - التي تكللت بنجاح ساحق - ولم يتبق منها سوي اربعة افراد فقط علي قيد الحياة .. وحدهم .. خلف خطوط العدو ..

لم يكن يدري أحدهم وهو المجند المقاتل الشاب ذو الاثنين والعشرين ربيعا انه بعد سنوات قلائل سيتم تدريس ماقام به في أرقي الاكاديميات العسكرية في العالم .

نزع الله من قلبه اي رهبة من اي نوع .. فكان احد ابطال موقعه السبت الحزين في رأس العش التي ابادت كامل القوات الاسرائيلية وامداداتها في رأس العش .

اصيب بدفعة رشاش متعدد انتقامية من مدرعة اسرائيلية مرتبكة تدري قرب نهايتها .. واخترقت الطلقات فخذه وظهرة لتخرج من ساقة ومثانته .. وبمنتهي الجلد والاصرار وبدون اي تدخل طبي يعالج نفسه بنفسه ويستمر في عمليته خلف خطوط العدو استطلاعا وتوجيها عبر لاسلكي طيله مائتين يوم متقافزا فوق كل شبر من رمال سيناء بمنتهي البطولة .. ليس لساعات ولا ايام ولا اسابيع .. بل 200 يوم كاملة .. في اصابات يفترض بها ان تكون قاتله للفور وتستدعي الحجز بالرعاية المركزة .. بل لم يبلغ اصلا عن فداحة اصاباته وانما علمت بها المخابرات والاستطلاع من احد رجالها من البدو الذي كان يقوم بامداده بالطعام والشراب مره كل ثلاثه ايام بعد ان انقطعت اخباره ثلاثه اسابيع وقيد مفقود عمليات .. قال البدوي بالحرف (يافندم العسكري ده عايش حلاوة روح اللي زيه المفروض يكون اندفن وبنصلي عليه غائب ) !

ليعود منسحبا علي الاقدام وقد لوحت شمس سيناء بشرته وشعثت شعرة وتمزق حذاؤة العسكري في اواخر شهر ابريل 1974 بعد مرور سبعه اشهر علي انزالة واصاباته القاتله وعماده دمه بتراب ارض مصر .. وليقف المشير احمد اسماعيل امامه ليؤدي له امام بطولته الاستثنائية التحية العسكرية وهو بتراب المعركة لم يغير حتي حذاؤه .

عبد الرؤوف جمعة عمران .. بطل مصري مجهول .. لم يتم تكريمه بنوط واحد .. ولا ذكره في بانوراما اكتوبر .. لم يصنع له تماثيل النصر في كل محافظات مصر .. ولم يسع حتي للحصول علي عضوية جمعية المحاربين القدماء التي يستحق ان يكون رئيسها وليس فقط عضوا فيها .

الان هو يعمل فراشا في مدرسة متهالكة في اعماق سوهاج !

لاتنسو ابطالكم ياشعب .. ارجوكم !

(في الصورة الجندي المقاتل عبد الرءوف جمعة عمران يرتدي منظار الميدان ومعه اخر من تبقي علي قيد الحياة من الكتيبه .. النقيب عبد الحميد خليفة، والنقيب مجدي شحاته والمجند سيد علي لحظة استقبال وزير الدفاع لهم في مقر الوزارة بحضور ضباط اركان الوزاره وقاده افرع العمليات ).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق